Tuesday, April 8, 2008
دعاء المواطن المصري لابنه
Tuesday, April 1, 2008
فرعون ارحم
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : لقد أصبحت اليوم ضيق الصدر، مغتم النفس ، متكدر الخاطر ، أفما لهذا الليل من آخر ؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : وما ذاك ؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : وما الذي أنكرت في ذلك ؟
لقد كان فرعون أرحم من هؤلاء .
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : بلى !! إن فرعون لما استمع إلى موسى لم يلجئه ضيق الصدر و(الانزعاج ) إلى ما يسميه مثقفوكم المستنيرون ( إقصاء الآخر ) ، بل التفت إلى مستشاريه ووزرائه مستفهما طالبا الرأي والمشورة : (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) (الشعراء :25) فلما أظهر لهم موسى ما معه من المعجزات ،قال فرعون لوزرائه وقومه إن هذا لساحر عليم ، وطلب منهم الرأي والمساعدة ، (قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ* قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ) (الشعراء :34-36) فقد كان مستشارو فرعون وخاصته ديموقراطيين ، وكانوا لا يعرفون (إقصاء الآخر) وإنما يعرفون مبادلة الحجة بالحجة ، وقرع الدليل بالدليل ، ومواجهة الفعل برد فعل من جنسه ، مساو له في القوة ، فيما روي عن نيوتن من قوانينه الثلاثة الشهيرة .
وعلى عادة خدم النظام ومشايعيه وبلطجيته، ينتظر هؤلاء الأقزام من السادة بعض العطف ويستمطرون فتات موائدهم في صراحة صريحة، فيعدهم النظام ويمنيهم بالقرب ، ويطمعهم بالخلعة عند الغلبة وبأنواع الكرامة والتقريب (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (الشعراء / 41-42)
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : وأغلب الظن يا سيدنا أن فرعون كان حليما .
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : بل لقد كان شديد الحلم ، واسع الصدر ، ألم يتبادل الرأي مع وزرائه؟ ألم يستمع إلى حوار السحرة مع موسى؟ ألم ينتظر يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى لينظروا في الأمر ويروا لمن تكون الغلبة ؟ ألم يطلب من موسى الدليل على صدقه ؟ ( قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الأعراف:106) بل ، ألم يطلب منه البينة ممثلة فيما كان معروفا - في عصره – من أزياء ذوي الهيئات ؟ فتساءل عن لباس موسى مندهشا حين سمعه يدعي النبوة " فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) (الزخرف/ 5
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : فما الذي منع فرعون من اعتقال موسى وتقديمه لمحكمة عسكرية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ؟ وازدراء الدين ؟
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : لا شك أنك تمزح يا سيدنا
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : أنا لا أمزح يا بني والدليل في القرآن الكريم واضح وضوح الشمس ، ألم تر إلى موسى عليه السلام وهو هارب من مصر بعد أن وكز القبطي فقضى عليه ، هرب وخاف من تطبيق القانون عليه برغم وضعه الخاص ، فهو في حكم الابن بالتبني بالقياس إلى فرعون ، لأنه نشأ في بيته ، وقالت امرأة فرعون حين جيئ به إليها : عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (القصص /9) وقد أبدى موسى تخوفه لربه سبحانه وتعالى حين كلفه الذهاب إلى فرعون ( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (القصص/33) ألا ترى إلى الأرواح تزهق في عصرنا بأيدي صغار الكبار دون قصاص أو دية ؟ لأن القانون في إجازة كما تعلم .
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : فكيف كان فرعون يصنع لو شهد حفل جامعة الزقازيق ورأى فتاة منقبة بين السافرات ؟ أكان حياءه ينخدش ؟ و( ينزعج ) كما انزعج ذلك المترف المنعّم ؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : ما أظن ، فإن حاكما متألها معبودا يطلب البينة ويصبر للمواجهة ،من عدو له – في رأيه – ويستنصر عليه قومه ، ويبصّرهم بما يمثله لهم هذا العدو من خطر على عقيدتهم ، ويستجلب له من يقارعه الحجة بالحجة ، رجل كهذا ماكان لينزعج من رؤية طالبة تحشمت بقدر ما بلغها من علم ، وآمنت بأن اللباس ما كان ليحول بينها وبين الحياة الجامعية كما فهمتها ، فتاة صدقت ما يقال لها عن حرية الفكر وحرية الرأي ، وظنت أن زيها لو آذى أحدا فسيناقشها كما نوقش موسى ، وسيطالبها بالدليل كما طولب موسى ، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ..!!
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : وهذا العدد الكبير من المذيعات اللواتي يحجبن عن الظهور لأنهن تحجبن ؟ما بالهن يتقاضين أجورهن ويستحللنها ولا يعملن ؟ فوزرهن عليهن أم على سادتهن ورؤسائهن ؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : ألسن تحجبن باختيارهن ؟
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : بلى .
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى : فماذا في حجبهن من عجب ؟
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : صدقت يا ابن رجب . الحجب – بكسر الجيم – لمن احتجبت وجب . !! والانزعاج ممن تنقبت أعجب من العجب ...!!
د. مصطفى رجـب _ اعداد : مجموعه ريح الشـرق